أنا و أنت…
نُشبهُ دجلةَ و الفُرات، لا نَلتَقي إلا بتَواجُدِ طرَفٍ ثالثٍ معنا. نُحاوِلُ في كل لقاءٍ الاختِلاءَ ببَعضِنا، لكن شَطَّ العربِ مازالَ يتَلَصَّصُ علينا بعَينيهِ الزَرقاوَينِ المُتَّقِدَتينِ برَمضاءِ الغيرة. أنا و أنتَ كمرَجِ البَحرَين، في كل فُرصةٍ مواتيةٍ تَمنَحُها لنا الحياة، نتَعانَقُ بحرارة، نتَعانَقُ لكننا لا نَمتَزِجُ أبدًا. أعانِقُكَ دون أن آخذَ منكَ أو تأخُذَ مني، و هنا تَكمنُ النَشوةُ الحقيقية. لكلٍّ منا هَويتهُ المُتَفَرِّدة، لكلٍّ منا مَذهَبهُ في العِشق. فأنا النارُ و أنت الماء، أنا الريحُ العاتيةُ و أنت التُرابُ الهادئُ المُتَشَبِّثُ بالأرض.
صَدِّقني، إن أكثرَ ما يَجذِبُني إليك هو طاقةُ التَضادِّ ما بيننا، اختِلافاتُنا اللامَحدودة. تَعتَريني كل يومٍ نَوبةٌ من الفُضول، فيُغويني حبُّ الاستِكشافِ إلى دُخولِ عالَمكَ الغريب. فجأةً أجِدُني أطأُ بقدميَّ الحافيَتَينِ تلك البُقعةَ المُحَرَّمة. إنَّ عالمكَ يُثيرُني إلى أبعَدِ الحُدود، و لا يُخمِدُ نيرانَ الفُضولِ سوى ماءِ المَعرِفة. أريدُ أن أتعلَّمَ مَنهَجَكَ المُعَقَّد، أن أتَغَلغَلَ إلى أعماقِكَ و أدرُسَ تَفاصيلكَ دراسةً دَقيقة، فافتَح لي أبوابَ مَدرَسَتك.
1 Comment
جميل استاذة مينا.